تعدّ كتابة المقالات الأكاديمية واحدة من أهمّ عناصر النجاح خلال المرحلة الدراسية، الثانوية أو الجامعية على حدّ السواء. ويواجه الكثير من الطلاب الذين يفتقرون إلى موهبة الكتابة، صعوبة في إعداد المقالات الأكاديمية وتجهيزها. لكن، ما لا يعرفه هؤلاء الطلاب، هو أن المقال الأكاديمي، يختلف اختلافًا كبيرًا عن الكتابة الإبداعية، حيث أنّه مبني على قواعد محدّدة إن تعلّمتها والتزمت بها أمكنك كتابة مقال أكاديمي احترافي وناجح.
وهذا بالضبط ما سنتطرّق للحديث عنه هنا...
فلنتعرّف معًا على المقال الأكاديمي، وأهمّ النصائح والخطوات لكتابته. ما هو المقال؟ المقال في الجامعة أو المدرسة، يعبّر عن نوع من أنواع الكتابة الرسمية التي تتناول موضوعًا واحدًا محدّدًا. وغالبًا ما يكون الهدف منه إقناع القارئ بأمر معيّن من خلال عدد من البراهين الحقيقية المبنية على أساس علمي صحيح. ما هي أجزاء المقال؟ لابدّ أن تتوفّر في المقال الأكاديمي الناجح العناصر الأساسية التالية: مقدّمة واضحة مع تقديم تلخيص للمقال والهدف من كتابته. بالإضافة إلى مخطط منظّم منطقي للمقال. فقرات ذات تسلسل منطقي ومنهجي، تتضمن أدلة داعمة من مصادر أكاديمية موثوقة، وهو محتوى المقال. خاتمة واضحة تلخّص موضوع المقال والهدف الذي كتب من أجله.
ما هي أنواع المقال؟ ينقسم المقال الأكاديمي إلى عدّة أنواع تختلف باختلاف محتواها وطريقة عرضها، ويمكن تلخيصها فيما يلي:
المقال التحليلي Analytical essay.
المقال الجدلي Argumentative essay.
المقال التفسيري Interpretive essay.
المقال المقارِن Comparative essay.
مقال المشكلة والحل Problem and solution essay.
مقال السبب والأثر Cause and effect essay.
حتى تتمكّن من كتابة مقال أكاديمي ناجح، لابدّ لك في البداية من معرفة أيّ نوع من الأنواع أعلاه يجب عليك كتابته، وهو ما يظهر غالبًا في السؤال الذي يُطرح عليك. لذا احرص على قراءة السؤال جيّدًا وفهم الكلمات المفتاحية الواردة فيه، مثل: حلّل، ناقش، وضّح الفرق...الخ. حيث أنّ هذه الكلمات هي التي ستدلّك في الغالب على نوع المقال الذي يتوجّب عليك كتابته. اقرأ أيضًا: خطوات كتابة البحث العلمي كيف أكتب مقالاً أكاديميًا؟ على الرغم من اختلاف أنواع المقالات وطبيعتها من حيث المحتوى والطول والموضوع، غير أنّها جميعها تتبع منهجية واحدة عند كتابتها. وتتضمّن الأجزاء الثلاثة التي ذكرناها أعلاه (مقدّمة، محتوى وخاتمة). كما أنّها تمرّ بثلاث مراحل أساسية كالتالي: لنتعرّف على كلّ مرحلة من هذه المراحل بتفصيل أكبر: أوّلاً: مرحلة الإعداد كما يعبّر عنها الاسم، فهذه المرحلة هي التي تتمّ فيها عملية التحضير والإعداد للمقال الذي ستكتبه. وتعدّ أهمّ المراحل، لأنك إن تمكّنت من إتمامها بنجاح، فقد وضعت بذلك أساسًا قويًا لمقالك، ولن تكون المراحل المقبلة سوى عملية لترتيب ما جمعته وعثرت عليه في هذه المرحلة.
1- فهم المطلوب في المقال الخطوة الأولى لإتمام الواجب على أكمل وجه، تتمثّل في فهم المطلوب منك بالضبط. حيث يمكنك تحقيق ذلك من خلال الآتي: اقرأ السؤال جيّدًا، وابحث عن أيّ جزئية قد تبدو لك غامضة وتحتاج إلى توضيحها من خلال سؤال مدرّسك. حدّد هدف المقال، طوله، الموعد النهائي لتسليمه، وشكل التسليم (ورقي أو إلكتروني)، ونوع المقال. ضع قائمة بالنقاط الرئيسية التي يجب أن يتضمّنها المقال، ويمكنك بالطبع تعديلها والإضافة عليها عند البدء بالكتابة. احرص في هذه المرحلة على أخذ ما يلي في عين الاعتبار: الإطار الزمني: كن واقعيًا في تحديد الوقت اللازم لإتمام عملية البحث والكتابة والتدقيق. الحدّ الأعلى للكلمات: اختر موضوعًا محدّدًا، أو جزئية معيّنة حتى تتجنّب جمع الكثير من المعلومات وتجاوز الحدّ المسموح من الكلمات.
2- فهم الجمهور المستهدف قبل أن تسأل نفسك: "كيف أكتب مقالاً؟" لابدّ في البداية من التفكير في جمهورك المستهدف. حيث أنّ مستوى معرفتهم سيؤثر بلا شكّ على أسلوبك في الكتابة وطريقة اختيارك للكلمات. فرسالة الماجستير مثلاً موجّهة في الغالب إلى جمهور من الخبراء، في حين أنّ مقالاً أكاديميًا في مرحلة البكالوريوس يستهدف في العادة جمهورًا ما بين العادي إلى الخبير. الجدول التالي يوضّح نوعي الجمهور المستهدف وأفضل النصائح التي عليك اتباعها عند كتابة المقال الموجّه لكلّ نوع: 3- اختيار موضوع المقال هنالك العديد من الطرق لاختيار موضوع لمقالك، حيث يمكنك اتباع الطريقة التقليدية المتمثلة في العصف الذهني وكتابة الملاحظات حول الموضوع، أو من خلال سؤال أحد زملائك أو مناقشة الموضوع مع مدرّسك. تستطيع أيضًا تجربة ما يعرف بالكتابة الحرّة "Free Writing" والتي تتضمّن أخذ موضوع عام، والكتابة عنه لمدّة ثلاث دقائق تقريبًا، لجمع أكبر كمّ ممكن من الأفكار المتعلقة به، والتي يمكنك الاستفادة من إحداها وأخذها كفكرة رئيسية لمقالك. أما الطريقة الثالثة، فتتمثّل في استيحاء أفكار لمقالك من الموضوعات والبحوث السابقة المنشورة في هذا المجال. أخيرًا، وبعد العثور على مجال رئيسي لمقالك، قلّص بحثك لإيجاد موضوع محدّد تتوفّر فيه العناصر التالية: يثير اهتمامك. أصلي (لم تتمّ الكتابة عنه مسبقًا، أو لم يتمّ التطرّق للحديث عنه من زاوية معيّنة سابقًا). يتوافق مع متطلّبات الواجب الذي أعطي لك من مدرّسك. يمكنك البحث عنه وإيجاد معلومات ومراجع كافية حوله. تذكّر دومًا أنّ موضوعك يجب أن يكون أصليًا ومحدّدًا في الوقت ذاته. فمقال عن الحرب العالمية الثانية مثلاً لن يكون أصليًا أو محدّدًا بما فيه الكفاية. في حين أنّ كتابة مقال حول تجربة المواطنين الدنماركيين الذين كانوا يعيشون بالقرب من الحدود الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية سيكون موضوعًا جديدًا، محدّدًا ومثيرًا للاهتمام في الوقت ذاته.
4- إجراء البحث اللازم يتعيّن عليك في هذه المرحلة البدء اللجوء إلى مختلف مصادر المعلومات، بما فيها الجرائد، الكتب، المواقع الإلكترونية الموثوقة وغيرها. للعثور على التفاصيل والمعلومات اللازمة لبناء مقالك. لا تكتفِ فقط بالبحث عن معلومات حول الأفكار التي جهّزتها في مرحلة اختيار الموضوع، ولكن، ابحث أيضًا عن أفكار ووجهات نظر مناقضة، حتى يكون مقالك علميًّا وليس متحيّزًا. يمكنك هنا اتباع طريقة تستخدم غالبًا في كتابة البحوث ورسائل الماجستير والدكتوراه، وهي طرح أسئلة البحث. ببساطة اسأل نفسك: ما الذي أريد أن أعرفه عن هذا الموضوع؟ كيف أعرف ذلك؟ لماذا أريد معرفة ذلك؟ الإجابة عن هذه الأسئلة، ستضعك على بداية الطريق الصحيح للوصول إلى معلومات سليمة بطريقة مدروسة.
5- بلورة الهدف من المقال تحديد الهدف من مقالك أو ما يعرف بالـ Thesis Statement هو الركيزة الأساسية التي سُيبنى عليها هذا المقال. حيث يتعيّن عليك الالتزام بما يلي عند بلورة بيان الهدف من مقالك: تلخيص حجّتك بإيجاز في جملة أو اثنتين. تقديم عبارة أو جملة (ادعّاء) يتطلّب المزيد من التحليل والأدلة (التي ستكتبها في مقالك لاحقًا). الحرص على أن تدعّم كلّ فكرة تطرحها في مقالك الحجة الرئيسية التي ذكرتها في هذه الجزئية.
6- وضع مخطّط للمقال يعمل مخطّط المقال، كخريطة طريق لكيفية كتابة مقالك، إنه ترتيب منهجي ومنطقي لتسلسل الأفكار وكيفية طرحها في المقال. فيما يلي مجموعة من مخطّطات المقالات بأنواعها المختلفة، والتي يمكنكم تحميلها والاحتفاظ بها لديكم لوقت الحاجة.
مخطط المقال- المقال التحليلي.pdf مخطط المقال - المقال الجدلي.pdf مخطّط المقال - المقال التفسيري.pdf مخطّط المقال - المقال المقارِن.pdf مخطّط المقال - مقال المشكلة والحلّ.pdf مخطّط المقال - مقال السبب والأثر.pdf ثانيًا: مرحلة الكتابة في حال أتممت مرحلة الإعداد كما يجب، فالمراحل المتبقية لن تكون صعبة، وستجد أنّ قدرتك على كتابة الأفكار وشرحها باتت أسهل وأكثر سلاسة.
وفيما يلي مجموعة من النصائح العملية لكتابة كلّ جزئية من مقالك.
1- كتابة المقدّمة تعدّ المقدّمة ذات اهمية كبيرة في جذب انتباه القارئ وإعطائه فكرة عامّة حول ما سيعثر عليه في مقاله هذا. حيث تشغل المقدّمة ما نسبته 10 إلى 20 % من إجمالي المقال. وتتضمّن في العادة إجابة على ثلاثة تساؤلات رئيسية: "ماذا؟" أي ما الذي يدور حوله موضوع مقالك. وهنا عليك تقديم خلفية بسيطة حول الموضوع، وتعريف المصطلحات الأساسية، وأيّ نظريات أو مراجع تاريخية ذات علاقة. "لماذا؟" أيّ لماذا اخترت هذا الموضوع بالذات؟ حاول هنا تقديم إجابات مختصرة حول المعلومات الجديدة التي ستذكرها في المقال، أو القضايا المهمّة التي ستتطرّق للحديث عنها. "كيف؟" أيّ كيف سيكون مقالك؟ حيث يتعيّن عليك هنا إعطاء رؤوس أقلام حول المواضيع التي ستناقشها، والعناصر الأساسية في مقالك، مرتّبة ترتيبًا زمنيًا حسب موقع ظهورها في المقال.
2- كتابة محتوى المقال يعتبر محتوى المقال واحدًا من أعظم العقبات التي تواجه الطلاّب عادة، لكن بعد إتمام المرحلة الأولى (مرحلة الإعداد) كما يجب وتجهيز مخطط واضح للمقال، لن يكون الأمر مستحيلاً بعد الآن. حيث يمكنك الاستعانة بمخطط المقال، لترتيب أفكارك ووضعها في مكانها السليم. طول المقال يعتمد طول محتوى المقال على طبيعة المقال ونوعه. لكنه يشغل في الغالب ما نسبته 60 إلى 80% من المقال، ويصل طوله بالنسبة للمقالات الأكاديمية الجامعية إلى حوالي 10 صفحات. (محتوى المقال فقط دون المقدّمة أو الخاتمة). هيكلة الفقرات حتى يكون مقالك واضحًا وسهل الفهم على القارئ، عليك بناء الفقرات بشكل سليم. احرص على أن تتضمّن كلّ فقرة فكرة رئيسية واحدة فقط أو قضية جدلية واحدة. حيث تُبنى الفقرة الواحدة كما يلي: جملة الموضوع، وهي الجملة الأولى في الفقرة، حيث توضّح فيها الفكرة الرئيسية التي ستدور حولها هذه الفقرة، وتشكل منصّة انتقال من الفكرة السابقة إلى الفكرة الجديدة. الجمل التي تلي جملة الموضوع، عبارة عن براهين وأدّلة لدعم الفكرة الرئيسية، بالإضافة إلى الأمثلة والبيانات وكلّ ما يسهم في شرح هذه الفكرة وتوضيحها للقارئ.
3- كتابة الخاتمة يتمثّل دور الخاتمة في مساعدة القارئ على ترتيب أفكاره وتجميعها، قبل الانتهاء من قراءة المقال. لذا احرص عند كتابة الخاتمة على ما يلي: تلخيص جميع الأفكار في المقال وتوضيح كيف أنّها كلّها تؤكّد وتدعم الهدف الرئيسي الذي وضّحته في مقدّمتك. التطرّق لتساؤلات أو جوانب أكثر عمومية ذات العلاقة بموضوعك التي يمكن أن تكون قاعدة لمقالات لاحقة. واقتراح قضايا مشابهة لم يتطرّق مقالك إليها ولم يحاول توضيحها. لابدّ أيضًا من تجنّب الأخطاء الشائعة التالية: تقديم معلومات جديدة مهمّة، أو طرح قضايا جديدة دون شرحها (إن كان لابدّ من ذلك فاحرص على اقتراحها لدراسات لاحقة، وليس ذكرها بشكل عارض فقط). الإسهاب في الكتابة أكثر من اللازم. البدء بجمل وعبارات اختتامية مثل: في الختام، أخيرًا، لتلخيص ما سبق...الخ حيث أنّ مثل هذه العبارات تُضعف مقالك وتجعله يبدو ركيكًا. ثالثًا: مرحلة المراجعة لم يبقَ الكثير، لقد اوشكت على الانتهاء، ولم يبقَ سوى مراجعة مقالك للتأكد من سلامته وخلوّه من الأخطاء والهفوات، وأيّ مشاكل أخرى. احرص في هذه المرحلة على ما يلي: تأكّد من أنّ مقالك يلبي ويتوافق مع جميع الشروط المطلوبة في الواجب المطلوب منك. تأكّد من ترتيب المقال بشكل منطقي، وترابط الفقرات واحتواء كلّ منها على فكرة رئيسية واحدة فقط. تأكّد من أنّ جميع الفقرات تتوافق مع هدف المقال الرئيسي الذي ذكرته في المقدّمة. دقّق كلّ فقرة على حدى وتأكّد من أنّ كل جملة في الفقرة الواحدة تتوافق مع جملة الموضوع الرئيسية فيها. تأكّد من أنّ جميع المصطلحات التقنية موضّحة ومعرّفة للجمهور الذي قد لا يعرف معناها. تحقّق من خلو المقال من أيّ أخطاء مطبعية، نحوية أو لغوية. وتخلّص من الحشو الزائد والتعابير الركيكة. إن كان مقالك مطبوعًا، فاحرص على توحيد اللون وحجم الخطّ، وتمييز العناوين الرئيسية والفرعية عن بقيّة الفقرات. وحتى تتمكّن من تدقيق مقالك كما يجب، جرّب القيام بما يلي: اقرأ مقالك بصوت عالٍ، الأمر الذي يجبرك على الإبطاء وبالتالي النظر إلى الكلمات بتمعّن أكبر. غيّر نوع الخط الذي تستخدمه، حيث يسهل اكتشاف الأخطاء حين استخدام خطوط جديدة أقلّ شيوعًا. اطبع مقالك، ودقّقه ورقيًا، باستخدام القلم. اطلب من أحد أصدقائك أو زملائك أن يدقّقه لك مرّة أخيرة. وهكذا أصبح مقالك الأكاديمي جاهزًا. كما رأيت، فالأمر لا يحتاج إلى موهبة سماوية في الكتابة والتعبير (على الرغم من أنّ امتلاكها قد يسهّل العملية). إذ كلّ ما عليك فعله وضع خطّة مدروسة لكتابة المقال ثمّ الالتزام بها بحذافيرها. هل لديكم أيّة أسئلة إضافية حول كيفية كتابة المقال الأكاديمي؟ شاركونا إياها حتى نتطرّق إليها في مقالات قادمة، ولا تنسوا التسجيل في موقعنا ليصلكم كلّ جديد.
المصدر: موقع فرصة