قصيدة النثر ومشاحة الاصطلاح
من المعروف للشعر خصائصه وللنثر خصائصه
ولعل أهم ما يفرق بينهما هو انفراد الشعر بالإيقاع الموسيقي الذي يسير وفق نمط إيقاعي محدد يسمى الوزن أو البحر الشعري
ومسألة التحكم في وزن الشعر أهم دعائمها يعود للحس السمعي الموسيقي والموهبة.
ولما كانت الموهبة لا تكتسب أبدا صار الشعر عصيا على أغلب الناس خلاف النثر
ثم طفت على السطح محاولات لاختراع قصائد نثرية لا تلتزم بقواعد الشعر المرهقة وإنما تكتفي بموسيقا اللغة نفسها فالعربية لغة إعرابية تتوزع فيها الحركات بطريقة تراعي قواعد النحو مع الابتعاد بالصوت عن النشاز
وجعلوا من تناسق الأصوات بين المفردات خاصية كافية ليكون الكلام شعرا بذريعة موسيقا الكلام العربي المتسق
واستبدلوا بموسيقا بحور الشعر ما يحصل عن نطق جملة نثرية من جرس مقبول للأسماع.
لقد اكتفى دعاة قصيدة النثر بموسيقا هي أصلا موجودة في الكلام بحكم الآصوات الإعرابية وأسموها الموسيقا الداخلية ثم انتهت الخلطة ليخرج لنا ما يسمى بقصيدة النثر
مثلا لو قلت  : -
وجاءتني تمسح ترياق الحب عني 
لكيلا أشفى من الحب الذي 
صار أتونا في صدر عبير الزمهرير الساخن 
هذا كلام منثور و
مهما كانت ميزة حسن الجرس في العربية فإننا لن نستطيع تحلينها دون التناقل بين المقامات والتنافر بين طبقات الصوت 
لنآخذ مثلا أنشودة المطر للسياب لما غناها محمد عبده جعلت منه حاطب ليل في السلم الموسيقي 
وحتى لو  كانت الموسيقا الداخلية متسقة في قصيدة النثر فمن المستحيل تحلين كل القصيدة على نمط متزن 
والحرب بين أنصار الشعر العروضي الموزون وبين أنصار الشعر الحر لها بداية نعرفها ونهايتها لا يعلمها إلا الله 
فتسمية قصيدة النثر أثارت أهل الشعر الموزون فكيف للنثر أن يكون قصيدة؟ 
والحق أنني أتحفظ على مصطلح قصيدة النثر فلا وفاق فيها ولا توفيق خاصة مع الجمع بين الضدين الشعر والنثر 
وقد سمعت من شيخ العروضيين الدكتور عمر خلوف حفظه الله يطلق اسم " النثيرة" على قصيدة النثر  وآراه مناسبا فقد جمع بين النثر والوزن الصرفي لقصيدة 
وهناك من آطلق عليها الخنثى حيث لا هي من الشعر ولا من النثر 
أما أنا فلا أرى إمكانية  تطعيم الشعر والنثر مع بعضهما فهما كفاكهة آناناس وموز ولا يمكن أن نهجن بينهما لننتج صنفا جديدا يحمل خواصهما 
وكنت سآطلق على قصيدة النثر يوسف أفندي الآدب لكن للآسف اليوسف أفندي أو اليست فندي على قول المصريين ناتج عن تطعيم فاكهتين من نفس الفصيلة وهي الحمضيات وهما الليمون والبرتقال
وحتى ينجح مزارع ما في إنتاج بقلة بتطعيم الكرز بقلامة من الفاصوليا وينتج لنا الكاصوليا  فسأعترف بمسمى قصيدة النثر